السؤال: حبذا لو بينتم حكم الشرع بالنسبة لكشف المرأة لوجهها ويديها؟
الجواب: تغطية المرأة لوجهها واجب، وكشف وجهها حرام، وكذلك كشف يديها، إلا بين المحارم أو من حولها من النساء.
وهذا أصل عظيم درجت عليه الأمة الإسلامية، ودل عليه كتاب الله تبارك وتعالى، ودلت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة، ودرج عليه عمل المسلمين، بل حتى في الجاهلية كان ذلك مما هو معروف لدى المرأة العربية.
ولم تُعرف قضية الخلاف في كشف الوجه وعدمه إلا في هذا العصر، وقد أثيرت هذه القضية لا لأجل الترجيح العلمي المجرد، وإثبات أن كشف الوجه أو تغطيته مسألة خلافية.. إنما أثيرت لتنزع المرأة المسلمة حجابها بحجة أن تغطية الوجه فيه خلاف.
وأقول: من هؤلاء المجتهدون العلماء الثقات الذين يقولون: إن على المرأة أن تخرج حتى لا يتعطل نصف المجتمع، لأن الرأي الراجح هو كشف الوجه؟! إن هؤلاء الذين ينادون بخروج المرأة ويتحججون بأنه لا يجب عليها أن تغطي وجهها ليسوا بعلماء.
كل علماء المسلمين يوجبون على المرأة أن تغطي وجهها إذا خشيت الفتنة، ولا شك -على الإطلاق- في أن الفتنة قائمة وموجودة الآن على أشدها في كل مكان.
فهذا هو الحكم على افتراض أن الرأي الراجح هو الذي يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها، ومع ذلك فإننا نقول: إن الرأي المرجوح والضعيف هو الذي يقول: إن كشف الوجه أو الكفين جائز، وليس العكس.
عندما قال الله تبارك وتعالى: ((
وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ))[النور:31] ماذا فهم الصحابة من هذه الآية؟ وما معنى الخمار في لغة العرب؟ عندما يضرب الخمار على الجيب فلا يحتمل في كلام العرب إلا أن يكون الوجه مغطى خلال ذلك، وهذه حقيقة، وراجعوا في ذلك
لسان العرب - مادة (خمر) لتعرف معنى الخمار، ومادة (نصف) لتعرف معنى النصيف، النصيف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الشهداء في صفة الحور العين: {
ولنصيف إحداهن خير من الدنيا وما فيها} فما هو النصيف في لغة العرب؟
يقول
النابغة الشاعر المشهور:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
ما هو النصيف؟ ولماذا سمي نصيفاً؟
يقول اللغويون: النصيف هو الخمار، وسمي كذلك لأنه ينتصف بين المرأة وبين الناس فلا يرونها، كأنه في النصف بين المرأة وبين الناس فلا يرونها.
فإذاً: النصيف هو الخمار، ولذلك لما سقط عن تلك المرأة الجاهلية غطت وجهها باليد، حتى قال بعض اللغويين -وأظنه
السيرافي أو
ثعلب-: ويجب أن يكون مغطياً للرأس كله، وإلا فلا معنى أن تغطي وجهها ويبقى شعرها.
المقصود: أن النصيف هو الخمار الذي يغطي المرأة: ((
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ))[النور:31] أما الخمار، فإن كل مادة خَمَرَ مأخوذة من الستر والتغطية، والخمار الذي شرعه الله تعالى للمرأة وكان معروفاً لديها، والذي تكفن فيه، والذي جاء ذكره في الكتاب والسنة: هو الغطاء الساتر للمرأة، والذي ينسدل عليها بدءاً برأسها، مروراً بوجهها ونحرها وصدرها.